القيء في نهار رمضان متى يوجب القضاء؟

0 التعليقات





في رمضان قد تطرأ عوارض صحية على المسلم وهو صائم ولا يعرف الحكم الشرعي فيها ، ومع انتشار وسائل الإعلام والقنوات الفضائية الدينية ، تكون هذه القنوات الوجهة الوحيدة للمواطن المغربي ليتعرف على حكم مسألة ما ومع كون هذه القنوات أغلبها خليجية أو مصرية فإن الدعاة وأهل الفتوى فيها يفتون الناس وفق المذهب المتبع وهو غالبا مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ، ومعلوم أن المذاهب الفقهية السنية اختلفت في قضايا فرعية بحسب اختلاف أصول كل مذهب من المذاهب في التعامل مع النصوص الشرعية ، وإن كان حقيقة هذا الاختلاف قليل جدا مقارنة مع ما هو متفق عليه، فإن المغاربة يفضلون معرفة أحكام الشريعة وفق المذهب المالكي .

والمسلم في كل أمور دنياه يبتغي وجه الله تعالى وعبادته وفق منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، و من أجل تقريب أمور العبادات للناس وخاصة أحكام رمضان المعظم ، سنقف إن شاء الله في هذا الجزء مع مسألة مهمة يتساءل كثير من الصائمين عن حكم الشريعة فيها  وهي مسألة القيء في رمضان متى توجب القضاء ومتى لا توجبه؟ :
هذه المسألة لا بد من الانتباه إلى أمر مهم وهو مدار الحكم في المسألة وهي هل الصائم تعمد القيء أم لم يتعمد وإنما غلبه ذلك، و لكل حالة حكم بناء على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة .

روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن  نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول”من استقاء وهو صائم فعليه القضاء. ومن ذرعه القيء ، فليس عليه القضاء
 وفي المدونة الكبرى لمالك بن أنس رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ ، وَإِذَا اسْتَقَاءَ طَائِعًا أَفْطَرَ ” .فمن خلال الحديث الأول والثاني يمكن استنباط الحكم الشرعي في مسألة القيء وهي كالآتي :
*الحكم الأول:من سبقه وغلب عليه القيء في الخروج: أي أن الصائم إذا لم يتعمد القيء وغلبه وخرج إما بسبب مرض، أو إفراطه من الأكل في السحور ، أو بسبب ركوبه في السيارة أثناء السفر أو أي سبب أخر ، ففي هذه الحالة يكمل يومه ولا قضاء عليه ، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :” إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ…” وقوله صلى الله عليه وسلم:“  ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرُ مِنْهُنَّ الصَّائِمُ : الْقَيْءُ ، وَالْحِجَامَةُ ، وَالْحُلُمُ “.

فهذه الأحاديث صريحة في كون القيء الذي يغلب الصائم لا يفطر ، ولكنها لم تبين بلفظ صريح هل يجب عليه القضاء أم لا؟ الأمر الذي بينه حديث أخر للنبي صلى الله عليه حيث قال:”إذا ذرع الصائم القيء وهو لا يريده فلا قضاء عليه …” سنن الدرامي ، وهو قول ابن عمر رضي الله عنه الذي رواه عنه مالك رحمه الله في الموطأ.

وعليه فالصائم الذي يغلبه القيء، صيامه صحيح ولا قضاء عليه، والعلة في ذلك أن الله تعالى لا يحاسبنا ولا يأخذنا على الأفعال التي تكون فوق إرادتنا وطاقتنا “ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ “سورة البقرة 286
 *******************

الحكم الثاني: من استقا مستدعيا للقيء متكلف في خروجه وجب عليه القضاء : أي بمعنى أن الصائم الذي يتكلف في دفع الأكل من بطنه إلى الخارج لسبب ما، يجب عليه أن يكمل يومه إلا للعذر أخر والقضاء بعد خروج رمضان أي صيام اليوم الذي استقا فيه (تكلف في خروج القيء) في رمضان. قال أشهب “وإن كان صيامه واجبا فعليه أن يتم صيامه وعليه القضاء…” المدونة الكبرى.

 والدليل من السنة النبوية المطهرة  على حكم القضاء في هذه الحالة قوله صلى الله عليه وسلم “َإِذا اسْتَقَاءَ طَائِعًا أَفْطَرَ” أي بمعنى إذا تقيأ الصائم طائعا فهو قد أفطر ، لكن ما هو الواجب عليه فعله في هذه الحالة  ؟ والجواب في حديث رواه الإمام الترميذي رحمه الله في سننه  عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :”… ومن استقاء عمدا فليقض” سنن الترميذي. و مالك في المدونة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ذرع الرجل القيء وهو صائم فإنه يتم صيامه ولا قضاء عليه وإن استقاء فقاء فإنه يعيد صومه” المدونة الكبرى لمالك بن أنس .
 ********************

مسألة : من خلال بحثي – على حسب المستطاع- عن هل يأثم الذي يتعمد القيء في نهار رمضان أم لا لم أجد أي دليل على ذلك، اللهم أني وجدت روايات تتحدث على أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه غم فتعمد القيء لكن في غير رمضان فأفطر لأن الذي يتقيأ في غير رمضان في ندب أو أجر يفطر  ويأكل في اليوم الذي كان فيه صائما، أما في نهار رمضان فعليه أن يتم صيامه وعليه القضاء. ومن ثم فإذا كان الصائم يتعمد القيء في نهار رمضان ولا يجوز له الأكل وإنما عليه إتمام النهار وقضاؤه بعد خروج رمضان فهذا فيه نوع من التكلفة التي حرمها الله تعالى وهو عمل غير العقلاء والله تعالى أعلم .
تابع القراءة Résuméabuiyad

رخصة الإفطار للمريض في رمضان

0 التعليقات
ذ:علال المديني :


إن الدين يسر ولن يشاد أحد إلا غلبه هكذا قال صلى الله عليه وسلم في حديث له، وهي كلمة جامعة شاملة جعلها علماء الأمة قاعدة ثابتة في الإسلام فلا رهبانية ولا وتشدد في الدين، والله سبحانه وتعالى نهى عباده عن الوقوع في التهلكة و إلحاق الأذى 
تابع القراءة Résuméabuiyad

شهر رمضان: شهر الرحمة و اليسر

0 التعليقات
 ذ :علال المديني
إن الله سبحانه وتعالى لم يتعبدنا بالمشقة ولا العسر ، بل رفع عن عباده كل مشقة وعسر وذلك ثابت بالكتاب والسنة والعمل،  يقول تعالى في محكم تنزيله “{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ما جعل الله علينا من ضيق ومشقة وما كلفنا بما لا نطيق وما لا نستطيع تأديته بل فرض الفرائض و جعل معها الرخص والتخفيفات رحمة بعباده وتوسعة عليهم وهذا هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في أموره كلها وهي دعوته خالدة إلى يوم القيامة وذلك ثابت في حديث بليغ جمع بلاغة البيان مع بلاغة المنهج حين قال لمعاذ وأبي موسىٰ حين بعثهما أميرين إلىٰ اليمن  بشِّرَا ولا تُنفِّرا ، ويسِّرَا ولا تُعسِّرَا . فالبشرى منهجنا والتيسير طريقنا أما العسر والتنفير فالإسلام منهم  نافر .
 شهر رمضان الكريم وإن كان معناه هو الإمساك عن الشهوات والملذات في أوقات حددها الإسلام بدقة ، فلا يعني بالضرورة أن من مقاصده هو إحداث المشقة والعسر بالمسلم لأنه لو كان ذلك لما رخص الله تعالى للمسافر والمريض والحامل والمرضع وكل من لا يقدر على الصوم الإفطار، ولو كان من مقاصده إحداث المشقة أو  أن يتعبدنا الله تعالى بها لما حبب وسن رسولنا صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطور وتأخير السحور يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يزالُ الناسُ بخير ما عجّلوا الْفِطْر” مُتّفَقٌ عَلَيْهِ ” ولقوله صلى اللّه عليه وسلم: “تسحروا، فإن في السحور بركة”، ويقول الإمام مالك رحمه الله في الموطأ ” الأمر الذي سمعت من أهل العلم ، أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه، ويتعبه، ويبلغ ذلك منه، فإن له أن يفطر …… ” إلى أن قال ” ودين الله يسر”.ومن حكمه الظاهرة كما ذكرها بعض العلماء ” وحكمة مشروعية الصوم هو مخالفة الهوى لأنه يدعو إلى شهوتي البطن والفرج وكسر النفس وتصفية مرآة العقل والاتصاف بصفة الملائكة والتنبيه على مواساة الجائع والله أعلم. ” مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ، المعروف بالحطاب الرُّعيني (المتوفى : 954هـ)
وإيمانا منا في موقع الزيتونة المساهمة في تحسين الثقافة الدينية ونشرها بين عموم المسلمين بمنهج مبسط وسهل ، سنعمد إن شاء الله طيلة شهر رمضان المعظم الوقوف على حكم من أحكام الصيام انطلاقا من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ، تابعين لمذهب مالك رحمه الله تعالى في توضيح ديننا الحنيف لإيماننا أن مالك إمام المدينة وخير الأئمة فهما للنصوص ،فمنهجه وسط بين من اعتمد النص دون العقل ،ومن اعتمد العقل على النص ، منهج أقرب إلى فهم النصوص الشرعية ومقاصدها ، مالك احتاط في العبادات أكثر من أي عالم أخر ،لأن العبادات غايتها تحقيق الخضوع والامتثال لله وإتقانها والاحتياط فيها أولى من غيرها من الأحكام الأخرى التي كان مالك وأصوله التي اعتمدها المالكية من بعده ينظرون فيها بالمقاصد والمآل.
تابع القراءة Résuméabuiyad

سجل إعجابك ليصلك الجديد

.

الصور للإشهار