شهر رمضان: شهر الرحمة و اليسر

 ذ :علال المديني
إن الله سبحانه وتعالى لم يتعبدنا بالمشقة ولا العسر ، بل رفع عن عباده كل مشقة وعسر وذلك ثابت بالكتاب والسنة والعمل،  يقول تعالى في محكم تنزيله “{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ما جعل الله علينا من ضيق ومشقة وما كلفنا بما لا نطيق وما لا نستطيع تأديته بل فرض الفرائض و جعل معها الرخص والتخفيفات رحمة بعباده وتوسعة عليهم وهذا هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في أموره كلها وهي دعوته خالدة إلى يوم القيامة وذلك ثابت في حديث بليغ جمع بلاغة البيان مع بلاغة المنهج حين قال لمعاذ وأبي موسىٰ حين بعثهما أميرين إلىٰ اليمن  بشِّرَا ولا تُنفِّرا ، ويسِّرَا ولا تُعسِّرَا . فالبشرى منهجنا والتيسير طريقنا أما العسر والتنفير فالإسلام منهم  نافر .
 شهر رمضان الكريم وإن كان معناه هو الإمساك عن الشهوات والملذات في أوقات حددها الإسلام بدقة ، فلا يعني بالضرورة أن من مقاصده هو إحداث المشقة والعسر بالمسلم لأنه لو كان ذلك لما رخص الله تعالى للمسافر والمريض والحامل والمرضع وكل من لا يقدر على الصوم الإفطار، ولو كان من مقاصده إحداث المشقة أو  أن يتعبدنا الله تعالى بها لما حبب وسن رسولنا صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطور وتأخير السحور يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يزالُ الناسُ بخير ما عجّلوا الْفِطْر” مُتّفَقٌ عَلَيْهِ ” ولقوله صلى اللّه عليه وسلم: “تسحروا، فإن في السحور بركة”، ويقول الإمام مالك رحمه الله في الموطأ ” الأمر الذي سمعت من أهل العلم ، أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه، ويتعبه، ويبلغ ذلك منه، فإن له أن يفطر …… ” إلى أن قال ” ودين الله يسر”.ومن حكمه الظاهرة كما ذكرها بعض العلماء ” وحكمة مشروعية الصوم هو مخالفة الهوى لأنه يدعو إلى شهوتي البطن والفرج وكسر النفس وتصفية مرآة العقل والاتصاف بصفة الملائكة والتنبيه على مواساة الجائع والله أعلم. ” مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ، المعروف بالحطاب الرُّعيني (المتوفى : 954هـ)
وإيمانا منا في موقع الزيتونة المساهمة في تحسين الثقافة الدينية ونشرها بين عموم المسلمين بمنهج مبسط وسهل ، سنعمد إن شاء الله طيلة شهر رمضان المعظم الوقوف على حكم من أحكام الصيام انطلاقا من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ، تابعين لمذهب مالك رحمه الله تعالى في توضيح ديننا الحنيف لإيماننا أن مالك إمام المدينة وخير الأئمة فهما للنصوص ،فمنهجه وسط بين من اعتمد النص دون العقل ،ومن اعتمد العقل على النص ، منهج أقرب إلى فهم النصوص الشرعية ومقاصدها ، مالك احتاط في العبادات أكثر من أي عالم أخر ،لأن العبادات غايتها تحقيق الخضوع والامتثال لله وإتقانها والاحتياط فيها أولى من غيرها من الأحكام الأخرى التي كان مالك وأصوله التي اعتمدها المالكية من بعده ينظرون فيها بالمقاصد والمآل.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق

مرحبا بكم في الزيتونة

سجل إعجابك ليصلك الجديد

.

الصور للإشهار