المرأة الجبلية و 08 مــــــارس
المرأة الجبلية و
08 مــــــارس
يوم 08 مارس يوم المرأة العالمية ، تحتفل به كل سنة وتقف معه
لتجدد العهد على مواصلة النضال والكفاح ضد التمييز والظلم ...
لكن عن أي امرأة نتحدث ؟ و أي حقوق نطالب ؟ هل المرأة الرباطية
الموظفة في مؤسسات الدولة المشمولة بشتى أنواع الرعاية واللطف بدأ بمسكن جميل
وسيارة فارهة وفضاء نقي وشوا ريع نظيفة ومستشفى عدد أطبائه يفوق عدد المرضى وزوج موظف
سامي ، أم المرأة القروية التي حرمت ومنعت من أبسط الحقوق وتهان كرامتها هي وأخوها
الرجل يوميا ،فلا مستشفى ولا طريق ولا تعليم ولا حياة كريمة ..
شباب غفساي والدواوير المحيطة بها احتفلوا وتابعوا هذا اليوم ولكن
بطريقتهم الخاصة،فقد انتقد أحد النشطاء الفايسبوكين المحليين الاحتفال بهذا اليوم
وصرح أن عائلته لا تعرف أي عيد غير عيدين "الأضحى والفطر" أما الباقي
فهو مجرد فرقعات إعلامية لا غير لا تعني المرأة القروية في شيء .
في حين تساءل ناشط أخر :" لنتحدث
بصراحة ولو في أبسط الأشياء كفانا نفاقا ....
أين حق المرأة القروية البدوية التي تقوم للعمل مع صياح الديك للبحث عن كلأ الماشية تحت الصقيع والرعي و السقي"
أين حق المرأة القروية البدوية التي تقوم للعمل مع صياح الديك للبحث عن كلأ الماشية تحت الصقيع والرعي و السقي"
في
حين وجه نشطاء آخرون انتقادات حادة للرجل القروي الذي يقوم متأخرا ويترك زوجته و
بناته في الحقل والعمل الشاق بينما هو يتسلل إلى شبكة التواصل الاجتماعي ليتغزل
ويرسل باقات ورود إلى فتيات بهذه المناسبة ...
هل بالفعل يوم نساء البوادي والمداشر في منطقة غفساي ليس
كباقي النسوة الأخريات ، وكيف احتفلت المرأة الجبلية بهذا اليوم هل في فسحة
وسياحة أم في الكد والعمل الشاق ، هل صادفها اليوم وهي في المخاض فأسرع بها زوجها
ولما دخل إلى مستشفى الحسن الثاني وجده خربة خاوية لا مستقبل فيه ولا طبيب فأرسلوه
وأرسلوها إلى مدينة تاونات ....
لكنً الله يا نساء البوادي و مغرب المهمشين
لكنً
الله يا نساء البوادي و مغرب المهمشين
الثامن من مارس من كل عام يقف العالم ومعه المغاربة للاحتفال بذكرى اليوم العالمي للمرأة ، نسترجع من خلالها نضال المرأة العالمية لرفع الظلم والتمييز الذي لحقها ، و محاربة النظرة الذكورية التي سيطرت على كل شيئ حتى تفكير المرأة لم يسلم منها، ، وتدعو في هذا اليوم المرأة ومعها الرجل على السواء بالمساواة وعدم التمييز على أساس الجنس واعتبار هذا المخلوق كامل النضج في تفكيره ومعاملاته.
********
في هذا المقام لن أتحدث عن معاناة المرأة بشكل عام وانحراف النظرة الذكورية - ولا أقول الرجولية - حول المرأة ولن أقف كذلك عن كون هذا الموضوع تعرض للقرصنة والسطو من طرف عناصر وتنظيمات ترى في الموضوع مجرد مدخل مهم من مدخلات التمييع والاستبداد والاسترزاق أو ارتهان الأمة ثقافيا وسياسيا لثقافات ومنظمات همها تسخير كل الناس بما فيهم المرأة لسطوتها ومنافعها الاقتصادية، ونزواتها التي تعدت حدود البشرية وتلبست لبوس الذئب الماكر .
*******
أقف الآن ونحن في المغرب قد قطعنا أشواطا في السير على نهج الحداثة والتحديث واحترام حقوق الإنسان والمرأة والالتزام بالمواثيق الدولية والسعي الحثيث لتحقيق مسار ديمقراطي صحيح إلى غير ذلك مما " يؤذن به " في قنواتنا العمومية وعلى صفحات جرائدنا ومما تلوكه ألسن قادتنا السياسيين العظام " طبعا الذكور" في مهرجانات خطابية وحملات سياسية ، تسوق لهذه الانجازات العظيمة وهذه الفتوحات المجيدة في مجال احترام المرأة حتى صارت شريك الذكر في كل شيئ.
*******
لكن اسمحوا لي أن أتساءل و أنا أحتفل معكم بهذه المناسبة المجيدة عن أي امرأة نتحدث في هذا المغرب ، هل المرأة التي تسكن في أحياء الرباط والبيضاء والمدن الكبرى الراقية ؟ ابنة فلان وزوجة علان وصديقة ....أم المرأة القروية التي تعانق العذاب منذ ولادتها ، وتحمل هم الغد أكثر من معانات اليوم وحرمان الدهر وجور الفقر، عن أي امرأة خذنا حرب البسوس الطاحنة لتنزيل " خطة إدماج المرأة في التنمية"، وعن أي امرأة تحدثا معارضو الإدماج في خطبهم المدججة بكل وسائل الدفاع والإقناع مرصعة بآيات وأحاديث تظهر مكانة المرأة عند خالقها.... عن أي امرأة كان يخوض الحرب كل هؤلاء في معترك الجذب والقنص البشري هل عن امرأة تعيش تحت سقف الهناء والرخاء أو عن امرأة تفترش الأرض وتحفر الأرض وتحمل الأثقال وتحمل المجهول الذي بلا شك لن يكون أسوأ مما هي فيه.
*******
أعتذر منك أيتها المرأة المحتفى بها التي نظم من أجلك اليوم في كل دور الشباب ومقرات الأحزاب وأكواخ الجمعيات وعلى قنواتنا الملونة بألوان حمراء ومذيعات سمينات ونحيفات جميلات ينفقن على جمالهن وشعرهن المذهب والمصبوغ في الشهر ميزانية أعوام لامرأة تعيش في مغرب العار والمهانة ، ميزانية لطالما اعتبرت حلما لا يتحقق لامرأة باغتها وجع الحمل في ظهيرة من أيام البرد القارس عندما كنت سيدتي تقدمين نشرتك في روض من رياض الجنة ، فلم تجد من يحملها لمستشفى أو مستوصف أو إسطبل سميه ما شئت و إن أردت فليكن لك برنامجا تراجيديا تطوف فيه على مستشفيات الهوامش وعندها أنت من ستختار له اسم ولكن حذاري أن تذيع الاسم على قنواتنا التي تحرسها عين لا تنام تراقب الحقيقة من الخروج إلى العلن حتى لا يخرج عفريت الشعب من قمقمه.
*********
ميزانية تحلم بها إمرأة المغرب المهمش لا لشراء لباس ولا خضرة ولا فاكهة مما يتشهين- هن لست أنت - ولكن لأملها الوحيد ابنها الذي يحتاج لبعض الكتب والأقلام ومصاريف الكراء من أجل الدراسة ، ميزانية تحتاجها لا لقضاء عطلة على سواحلنا الجميلة ولكن لشراء دواء لزوج سقط أمامها صريع الموت بسبب البرد وحمل الأثقال وهم الدنيا وإذا مات سيترك لها بنات وبنين طبعا ليس مثل أبناؤك المتبسمين الذين إذا عطس أحدهم جهز زوجك ومعه إدارتك ومعارفك ودولتك أروع سيارات الإسعاف وفي سرعة البرق يطير به طائر إلى جناح خاص في مستشفى لا يدخل إليه إلا أولي النعمة .
***********
وأنت في عملك أو تحضرين لمحاضرة أو لتكريم ،تتقاطر عليك رسائل التبريك والتمجيد وابتسامات وورود حمراء نزعت أشوكها امرأة أخرى في مغرب العار بأيادي خشنة ووجه مكفهر ولباس خشن وشعر مشعكك لم يسمح لها الوقت والدهر والفقر والجوع بتسريحه وتمشيطه . نزعت أشواكها و أخذها سفاح صلف لا يعرف الرحمة ولا يقدر مشاعر الأنوثة وهو يوزع عليها كلمات السخط والغضب وقواميس التمييز ، فيطير بها إليك وهو مبتسم ضحكوك حنون يتدفق من لسانه بحر من كلمات رنانة موزونة بمشاعر لطيفة وكأنه يؤدي صلاة الشكر أما إله .
********
عندها سيدتي وأنت تلبسين الأحمر وتتدلعين على الوجود تكون أخت لك - هي امرأة مثلك لكن قتل الفقر أنوثتها فتحولت إلى صخر جلمود - في حقول لا لنزهت بل لحفر الأرض وتنقية العشب أو في مغارة لا لأخذ صور ومغامرة كما تفعلين وأنت بحذاء رائع ونضارات شمسية وقارورة ماء وأكلات معلبة وكاميرات لتصوير بل بمعولها أو فأسها تحطب الأخشاب وهي مقوست الظهر تفوح منها رائحة العرق بحذاء بلاستيكي عليه عشر رقع علَه يجود عليها فيحميها من لسعات الثعابين أو العقارب بعدما لسعتها ألاف الحناجر في مهرجاناتكم ولسعها حظها العاثر لأنها وضعت ولا أقول ولدت في مغرب العار .
**********
بك سيدتي يحتفلون وعنك سيدتي يدافعون أما هي فلها الله بعد أن خذلتها أنت ومن معك من جوقة السياسيين وابنها الذي تسلل في الظلام لجوقة المنتفعين بعدما احتاجت إليه فنسيها وتبرأ منها وها هو الآن يهاتف عشرات النساء أو يراسلهن عبر الوتساب أو الفايسبوك من أمثالك يهنئهن بهذه المناسبة ولم يخطر على باله أن يرفع سماعته ليبارك لأمه أو لأخته لأنها ليست أنثى...
************
لك المجد أيتها المقهورة لك مني كل الاحترام والتقدير لو كان السجود لغير الله جائزا لسجدت لك ألف سجدات واتخذ منك تمثالا في بيتي وأنت بمعولك في الحقل أو الغابة ، أما أنت سيدتي الأنثى فلا حاجت لك بتبريكات فقد تقاطرت عليك مثل الطوفان لكن رغم ذلك فلك مني ألف تحية لأننا كلنا ضحايا التزييف والتزوير الممنهج
ماتت بسبب القلب وماتت بسببنا نحن ◄
غفساي تعيش كارثة بيئية خطيرة جدا نتيجة الفوضى
العارمة في تصريف نفيات الزيتون "أمرجان"
في واد أولاي الذي يعاني من قلة المياه ونذرتها ،
وصلتنا صور للوادي الذي تغير لونه بالكامل من
لون الماء إلى لون أسود ، مما يهدد معه الثروة السمكية والنباتية التي تقاوم
الانقراض والتهميش بل وتهدد حياة الساكنة لأن هذا الماء يعود إليهم ثانية لشربه
دون تصفيته ....
تلويث مياه واد أولاي يتم جهارا نهارا على مرأى
ومسمع السلطات و المنتخبين و أمام صمت رهيب من طرف جمعيات المجتمع المدني وجمعيات
حقوق الإنسان والهيئات السياسية التي كانت تجول صباحا مساء وليلا تبحث عن مشاكل
الساكنة وهمومها ...
المجلس البلدي بمدينة غفساي أغلب عناصره مثقفين
المفروض فيهم الاهتمام بهذه الكارثة ووضعه على جدول أعماله يتخذ من خلاله قرارات
حاسمة ونهائية وملزمة لجميع الأطراف ولما لا يتم إشراك الأطراف المعنية
"أصحاب المعاصر " وجمعيات البيئة والسلطات المحلية ووزارة الفلاحة
والبيئة ، لكن لحد الساعة الموضوع مغيب تماما ...
أصحاب المعاصر بدورهم يغيب عن حسهم الحفاظ على
البيئة وثروة المدينة ويشغلهم جمع المال فقط والمصلحة الخاصة وهو ما يطرح اشكالية
وجود برجوازية وطنية محلية تستحضر التنمية الوطنية وتطوير الاقتصاد وتشغيل اليد
العاملة والربح مع مراعاة المجال البيئي والمصلحة العامة للوطن .....
الوضع يزداد قتامة مع غياب التساقطات وارتفاع
الحرارة ونذرة المياه و تصحر الأراضي و تراجع التشجير وموت كثير منها ، وغياب تام
للدولة في هذه البقعة للحفاظ على الثروة المائية ....