لكنً الله يا نساء البوادي و مغرب المهمشين

لكنً الله يا نساء البوادي و مغرب المهمشين


الثامن من مارس من كل عام يقف العالم ومعه المغاربة للاحتفال بذكرى اليوم العالمي للمرأة ، نسترجع من خلالها نضال المرأة العالمية لرفع الظلم والتمييز الذي لحقها ، و محاربة النظرة الذكورية التي سيطرت على كل شيئ حتى تفكير المرأة لم يسلم منها، ، وتدعو في هذا اليوم المرأة ومعها الرجل على السواء بالمساواة وعدم التمييز على أساس الجنس واعتبار هذا المخلوق كامل النضج في تفكيره ومعاملاته.
********
في هذا المقام لن أتحدث عن معاناة المرأة بشكل عام وانحراف النظرة الذكورية - ولا أقول الرجولية - حول المرأة ولن أقف كذلك عن كون هذا الموضوع تعرض للقرصنة والسطو من طرف عناصر وتنظيمات ترى في الموضوع مجرد مدخل مهم من مدخلات التمييع والاستبداد والاسترزاق أو ارتهان الأمة ثقافيا وسياسيا لثقافات ومنظمات همها تسخير كل الناس بما فيهم المرأة لسطوتها ومنافعها الاقتصادية، ونزواتها التي تعدت حدود البشرية وتلبست لبوس الذئب الماكر .
*******
أقف الآن ونحن في المغرب قد قطعنا أشواطا في السير على نهج الحداثة والتحديث واحترام حقوق الإنسان والمرأة والالتزام بالمواثيق الدولية والسعي الحثيث لتحقيق مسار ديمقراطي صحيح إلى غير ذلك مما " يؤذن به " في قنواتنا العمومية وعلى صفحات جرائدنا ومما تلوكه ألسن قادتنا السياسيين العظام " طبعا الذكور" في مهرجانات خطابية وحملات سياسية ، تسوق لهذه الانجازات العظيمة وهذه الفتوحات المجيدة في مجال احترام المرأة حتى صارت شريك الذكر في كل شيئ.
*******
لكن اسمحوا لي أن أتساءل و أنا أحتفل معكم بهذه المناسبة المجيدة عن أي امرأة نتحدث في هذا المغرب ، هل المرأة التي تسكن في أحياء الرباط والبيضاء والمدن الكبرى الراقية ؟ ابنة فلان وزوجة علان وصديقة ....أم المرأة القروية التي تعانق العذاب منذ ولادتها ، وتحمل هم الغد أكثر من معانات اليوم وحرمان الدهر وجور الفقر، عن أي امرأة خذنا حرب البسوس الطاحنة لتنزيل " خطة إدماج المرأة في التنمية"، وعن أي امرأة تحدثا معارضو الإدماج في خطبهم المدججة بكل وسائل الدفاع والإقناع مرصعة بآيات وأحاديث تظهر مكانة المرأة عند خالقها.... عن أي امرأة كان يخوض الحرب كل هؤلاء في معترك الجذب والقنص البشري هل عن امرأة تعيش تحت سقف الهناء والرخاء أو عن امرأة تفترش الأرض وتحفر الأرض وتحمل الأثقال وتحمل المجهول الذي بلا شك لن يكون أسوأ مما هي فيه.
*******
أعتذر منك أيتها المرأة المحتفى بها التي نظم من أجلك اليوم في كل دور الشباب ومقرات الأحزاب وأكواخ الجمعيات وعلى قنواتنا الملونة بألوان حمراء ومذيعات سمينات ونحيفات جميلات ينفقن على جمالهن وشعرهن المذهب والمصبوغ في الشهر ميزانية أعوام لامرأة تعيش في مغرب العار والمهانة ، ميزانية لطالما اعتبرت حلما لا يتحقق لامرأة باغتها وجع الحمل في ظهيرة من أيام البرد القارس عندما كنت سيدتي تقدمين نشرتك في روض من رياض الجنة ، فلم تجد من يحملها لمستشفى أو مستوصف أو إسطبل سميه ما شئت و إن أردت فليكن لك برنامجا تراجيديا تطوف فيه على مستشفيات الهوامش وعندها أنت من ستختار له اسم ولكن حذاري أن تذيع الاسم على قنواتنا التي تحرسها عين لا تنام تراقب الحقيقة من الخروج إلى العلن حتى لا يخرج عفريت الشعب من قمقمه.

*********
ميزانية تحلم بها إمرأة المغرب المهمش لا لشراء لباس ولا خضرة ولا فاكهة مما يتشهين- هن لست أنت - ولكن لأملها الوحيد ابنها الذي يحتاج لبعض الكتب والأقلام ومصاريف الكراء من أجل الدراسة ، ميزانية تحتاجها لا لقضاء عطلة على سواحلنا الجميلة ولكن لشراء دواء لزوج سقط أمامها صريع الموت بسبب البرد وحمل الأثقال وهم الدنيا وإذا مات سيترك لها بنات وبنين طبعا ليس مثل أبناؤك المتبسمين الذين إذا عطس أحدهم جهز زوجك ومعه إدارتك ومعارفك ودولتك أروع سيارات الإسعاف وفي سرعة البرق يطير به طائر إلى جناح خاص في مستشفى لا يدخل إليه إلا أولي النعمة .
***********
وأنت في عملك أو تحضرين لمحاضرة أو لتكريم ،تتقاطر عليك رسائل التبريك والتمجيد وابتسامات وورود حمراء نزعت أشوكها امرأة أخرى في مغرب العار بأيادي خشنة ووجه مكفهر ولباس خشن وشعر مشعكك لم يسمح لها الوقت والدهر والفقر والجوع بتسريحه وتمشيطه . نزعت أشواكها و أخذها سفاح صلف لا يعرف الرحمة ولا يقدر مشاعر الأنوثة وهو يوزع عليها كلمات السخط والغضب وقواميس التمييز ، فيطير بها إليك وهو مبتسم ضحكوك حنون يتدفق من لسانه بحر من كلمات رنانة موزونة بمشاعر لطيفة وكأنه يؤدي صلاة الشكر أما إله .
********
عندها سيدتي وأنت تلبسين الأحمر وتتدلعين على الوجود تكون أخت لك - هي امرأة مثلك لكن قتل الفقر أنوثتها فتحولت إلى صخر جلمود - في حقول لا لنزهت بل لحفر الأرض وتنقية العشب أو في مغارة لا لأخذ صور ومغامرة كما تفعلين وأنت بحذاء رائع ونضارات شمسية وقارورة ماء وأكلات معلبة وكاميرات لتصوير بل بمعولها أو فأسها تحطب الأخشاب وهي مقوست الظهر تفوح منها رائحة العرق بحذاء بلاستيكي عليه عشر رقع علَه يجود عليها فيحميها من لسعات الثعابين أو العقارب بعدما لسعتها ألاف الحناجر في مهرجاناتكم ولسعها حظها العاثر لأنها وضعت ولا أقول ولدت في مغرب العار .
**********
بك سيدتي يحتفلون وعنك سيدتي يدافعون أما هي فلها الله بعد أن خذلتها أنت ومن معك من جوقة السياسيين وابنها الذي تسلل في الظلام لجوقة المنتفعين بعدما احتاجت إليه فنسيها وتبرأ منها وها هو الآن يهاتف عشرات النساء أو يراسلهن عبر الوتساب أو الفايسبوك من أمثالك يهنئهن بهذه المناسبة ولم يخطر على باله أن يرفع سماعته ليبارك لأمه أو لأخته لأنها ليست أنثى...
************
لك المجد أيتها المقهورة لك مني كل الاحترام والتقدير لو كان السجود لغير الله جائزا لسجدت لك ألف سجدات واتخذ منك تمثالا في بيتي وأنت بمعولك في الحقل أو الغابة ، أما أنت سيدتي الأنثى فلا حاجت لك بتبريكات فقد تقاطرت عليك مثل الطوفان لكن رغم ذلك فلك مني ألف تحية لأننا كلنا ضحايا التزييف والتزوير الممنهج

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق

مرحبا بكم في الزيتونة

سجل إعجابك ليصلك الجديد

.

الصور للإشهار