تاونات عنوانها التهميش وغايتها الالتفاتة



تاونات عنوانها التهميش وغايتها الالتفاتة...
بقلم : عبداللطيف الوزايي المرنيسي
كلما فكرت في كتابة موضوع حول إقليم تاونات الغالي ،حيث أرض الأهل والأجداد أجد مشاعري متضاربة متداخلة، وأفكاري مضطربة
كلما فكرت في كتابة موضوع حول هذه المنطقة الجرداء وعن هذا الجزء المنسي الشبه القاحل من المغرب العميق العزيز علينا إلا وأوجدتني في حالة من القلق والارتباك حتى الحكيم العاقل المتزن يضيع معها
من أين أبدأ الموضوع بتفاؤل وأنا الذي ليس من عادتي التشاؤم خاصة إذا علمنا أن الحديث عن تلك المنطقة دائما ذو شجون لأسباب موضوعية شتى لا يعرفها إلا من اكتوى بنارها؟من اين أبدأ موضوعي بتفاؤل لا يشوبه الريبة والشك في ظل واقع مرير وضرير لا تنذر سماءه بخير؟من أين ابدأ موضوعي بتفاؤل وسط هذا الجو المضطرب الذي يكتنف فضاءه الضباب الكثيف الذي يعيق حتى الرؤية بوضوح ؟
إقليم تاونات الذي فتح دائما أحضانه للجميع والى اليوم يرحب بالجميع،والمنتمي لمقدمة سلسلة جبال الريف على أعالي الجبال التي هي أرض الرباط،أرض الرجال،أرض الكرم والإباء والوفاء،توحدت فيه الكلمة منذ القدم رغم شساعة الإقليم،حيث جمعهم عرقٌ واحد، ودينٌ واحد، ولغة واحدة، وأهدافٌ واحدة،يختلفون ويتفقون. واليوم مع تغير الزمن، وتبدل دورةالفلك، فإن هبّت رياح المفسدين ، وثارت عواصف أطماع الطامعين، وجدتنا شيعا وفرقا قددا متناحرة مثلما نكون أيام الإنتخابات بعدما أن كان اجدادنا واستذكاراهنا لتاريخهم المجيد يتحدون في مثل تلك الحالات لدحر أطماع الطامعين ونجحوا بوحدة صفهم نجاحا باهرا وكانوا بذلك أقوياء ومتماسكين ومترابطين، أين نحن منك اليوم أنت يا تاريخ أجدادنا العظام؟، أين أنت يا زمن لتنشلنا من الضياع والهوان الذي نراه مع هذا الجيل التافه الجديد الذي لايعرف شيئا سوى عن أسماء لاعبي كرة القدم وأسماء الراقصات وخنافيس المسلسلات المكسيكية الكئيبة الطويلة والمملة؟، أين أنت يا زمن، تركتنا لهوس أحزاب بهلوانية ولأنياب حكومات تجارية لا تعرف الرحمة وتقطع فينا كل أمل بنيناه وكل حلم حلمناه، وتشتت لنا أفكارنا، وتحاصرنا؟، فمتى سنصحو ونسابق هذا الزمن المختل والعنيف؟،..واليوم،بعدما أن فعلت فينا التمزقات فعلها بسبب أيتام الفساد ودخول الأحزاب الذي لانرها الا في أيام مواسم الإنتخابات ليزرعوا شوك ورياح الفتنة والفساد والتفرقة بين أبناء منطقة واحدة وأبناء بيت واحد خدمة لسياسة استعمارية تعمل بمبدأ «فرق تسد»..ينبغي أن نقف من جديد وقفة تأمل واعتبار لنجلو الحقائق، ونستخلص العبر،ونقوم بإعادة ترتيب أوراق بيتنا الداخلي برمتها مجددا، وتطهيرها من كل الشوائب، بعدما أن أدركنا جيدا أن الخلافات التافهة التي كان سببها
الأحزاب الإدارية الإنتهازية لاتقود المنطقة الى الأفضل بل جعلتنا جميعا نتطور في كل مرة الى الخلف، خاصة وأن التجارب أيضا أثبتت أن الناس في الإنتخابات في منطقتنا المنكوبة يفكرون بعقلية قبلية ولايصوتون إلا على جهلاء من تلك الأحزاب أوانتهازيون يأتون من خارج المنطقة لا يفقهون شيئافي مشاكل الناس ولم نرمعهم الاالتخلف والمزيد من الجمود والتهميش والإنكماش..مما جعل منطقتنا برمتها مليئة بصراع دراميات العصر والقرون الوسطى..المتأمل لواقعنا الحالي لن يخفى عليه أن يلاحظ أننا قد ابتعدنا كثيرا عن أعراف تنظيماتنا القبلية الأصيلة بالمقابل أردنا مسايرة العصر دون وضع "الساس" .وبين الطرح الأول التقليدي الأصيل والطرح الثاني الحديث الدخيل وجدتنا كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة وحين فشل فيها وجد نفسه قد نسي مشيته الأصلية وصار يتخبط في مشيته وها نحن كما ترون من المتخبطين..وبين هذين الموقفين أيضا ضاعت كل مصالح المنطقة في التنمية والتغيير ونحن في منتصف الطريق.. وأية إستراتيجيات أو سياسات محلية أو حكومية يمكن إعتمادها لبناء إقتصاد المنطقة ونحن في حال مختل كالذي نعيش فيه اليوم...؟..المنطقة في حاجة عاجلة لحل مشكلات متفاقمة أصبحت تكاد تفتك بأصحابها الذين فقدوا صبرهم وأعياهم طول الإنتظار..المنطقة صرخت وتصرخ في عدة مناسبات وبدون مناسبات وهي تقول:
-
لقد وقع علينا ظلم شديد لمدة طويلة تحت حكم الحكومات التجارية المتعاقبة على حكم المغرب منذ الإستقلال الى اليوم.
-
لقد طال انتظارنا للحلول التي لم تجيء وللوعود التي لم تنفذ.
-
نريد حلولا فورية..
قد لا يختلف اثنان على هذاالواقع المرير الذي نعيشه جراء هذا الوضع المختل والواقف على قدم واحد فيما يخص التنمية وتسيير الشأن العام بالمنطقة ،لكن قد نختلف في تصوراتنا حول كيفية الحل للخروج من هذا المأزق وهذه الأوضاع الصعبة التي عشناهاو نعيشها أمام غياب أدنى الشروط الإنسانية لممارسة الحياة بشكل طبيعي. لعل أقدارنا في هذا الشمال المقفر اختارت لنا في إطار وضع بشري معقد مثل هذه الأزمة التي تجعلنا مختلفين عن غيرنا فتبقى مشاكلنا تراوح في مكانها وبعضها قد يعد من أهون و ابسط المشاكل في مناطق وجهات أخرى من المملكة. فاذا نحن سلمنا واعترفنا بأننا في حالة مشكلة وتوتر بل وصل الأمر لدرجة واضحة من الخطورة من التخلف، فيجب نحن اليوم كشباب المنطقة ان نعيد التفكير في كثير من الأمور خاصة إذا علمنا أن هناك من يسعى بكل جهده الى طمس هويتنا وإعادة مناطقنا الى عصور القرون الوسطى بسبب انعدام المسؤولية وغياب الضمير الوطني ،وبسبب صمت السكان أنفسهم بجهلهم لقواعد اللعبة السياسية في البلاد وعدم قدرتهم على المشاركة في صنع مصيرهم في المنطقة....

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق

مرحبا بكم في الزيتونة

سجل إعجابك ليصلك الجديد

.

الصور للإشهار