العنف المدرسي

 
الأستاذ: نبيل اعماروش

في كل مرة نسمع فيها عن العنف الممارس داخل الفضاء التربوي الوطني نقف مشدوهين لهول ما وصلت إليه الأمور
داخل أمكنة كان من المفترض فيها أن تكون مجالا للبناء الفكري والتربوي والذي يقوّم السلوكات غير المقبولة التي تفرزها ضغوطات الحياة المعاصرة .
ولعل ما يزيد من هولنا واستغربنا هو كون مظاهر العنف المدرسي لا تنوي أن تتوقف أو يتراجع بل إن أشكاله تتزايد وتتطور إلى درجة لا أعتقد أنها ستخطر على بال أحد في المستقبل ،وما أمر اكتشاف أسلحة نارية داخل مؤسسة تربوية بضواحي مدينة تازة عنا ببعيد.
وبعودتنا إلى الأسباب الكامنة وراء عنف المتعلمين ضد أساتذتهم (الشكل الأكثر انتشارا في مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي ، بخلاف مرحلة التعليم الابتدائي التي يكون العنف فيها من المربين ضد المتعلمين ) نجدها متنوعة ومختلفة بين ما هو نفسي واجتماعي وثقافي...ثم إن الهيئة التربوية تتحمل جزءا غير قليل من مسؤولية العنف الممارس ضدها ،وهنا لابد من استحضار كل مدرس لطريقة تفكير أجيال المتعلمين ومحاولة فهمها والتأقلم الايجابي معها , ولنا في قول الإمام علي خير مثال إذ يدعو إلى عدم تربية الأبناء بنفس طريقة تربيتنا لأنهم خلقوا لزمان غير زماننا (لا تربوا أبناءكم بنفس طريقة تربيتكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)،إن البعض للأسف الشديد من المربين يعتبر أن اقتحام عالم الأجيال الأصغر والقبول ببعض الأنماط الثقافية والفكرية لديهم والقبول ببعض السلوكات التي تبدو عادية عند المراهقين إهانة في حقه وفي حق أستاذيته مما يخلق خلافات متراكمة على مدى الساعات والأيام تنتهي بحد العنف اللفظي والجسدي...
حين وصل الأمريكان والروس إلى القمر وأرادوا تدوين بعض المعطيات المرتبطة به، واجهتهم إشكالية الكتابة بالقلم لأن انعدام الجاذبية كان يمنع المداد الموجود داخله من الانحدار والكتابة ، فعاد الأمريكان وبدؤوا بحشد إمكانيات مادية وفكرية كبيرة لاختراع قلم غير خاضع لقانون الجاذبية وحل إشكالية الكتابة فوق سطح القمر ، أما الروس فما قاموا إلا بشيء بسيط وهو استبدال القلم المدادي بقلم الرصاص وحلوا هم أيضا إشكالية الكتابة فوق سطح القمر مع فرق بينهم وبين الأمريكان في اقتصاد الإمكانيات ..
هذه القصة البسيطة تقدم لنا في الواقع فرقا بين من يكون تفكيره في بعض المواقف جزءا من الحل وبين من يكون تفكيره استمرارا للإشكال , من هذا المنطلق فإن بعض المربين يجب أن يتجاوزوا ما أمكن استفزاز المتعلمين ويعملوا ضبط أنفسهم إزاء بعض السلوكات غير المقبولة ومحاولة إصلاحها بليونة غير مذلة حتى يتم تذويب جليد العلاقة المتوترة مع المتعلمين غير المنضبطين ،بهذا سيكون سلوكنا جزءا من الحل عوض أن ينصب تفكيرنا على أشياء قد تكون استمرارا للعنف.



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق

مرحبا بكم في الزيتونة

سجل إعجابك ليصلك الجديد

.

الصور للإشهار